السبت، 19 فبراير 2011

مآضي دولة الامارات



التراث الشعبي كما هو متعارف عليه هو كل ما خلفه الآباء والأجداد من إرث حضاري وتجارب انسانية يغوص في أعماق التاريخ منذ عصور وأزمنة قديمة.. والملاحظ ان تراث الإمارات يتميز بالتنوع والثراء من حيث نوعيته وخصوصية الانتاج في مختلف جوانبه الإبداعية والحياتية، ويزخر تراثنا بخاصية معينة فهو إرث انساني يعكس تجارب وفنون وإبداعات الأنماط السكانية الأربعة في الإمارات.. وهي الأنماط التي أدى تفاعلها في بيئة جغرافية مختلفة، الى تنوع الإرث الحضاري الذي خلفته عبر الأزمنة الماضية.وفي هذه الصفحة التراثية، سوف نورد ملامح من تراث الإمارات وصوراً من إبداعات الماضي العريق، حيث سنبحر معكم في دهاليز الحياة القديمة مستكشفين، ومنقبين عن التاريخ الانساني الذي خلفه الأجداد، وان اختلفت الموضوعات في المعالجة التوثيقية إلا انها سوف ترسخ لوعي أصيل بتراث الإمارات، وهذا ما نأمله ونطمح اليه في تخصيص صفحة من تراثنا نتكلم فيها عن الماضي بروح الحاضر وبعين المستقبل الآتي.هناك الكثير من التداعيات الفكرية والسياسية والثقافية التي تتبادر الى ذهن السامع عندما يطرح موضوع التراث الشعبي في مختلف المناسبات وعند بعض الشخصيات المهمة، ولدى الدارسين وعلماء التراث، فالتراث الشعبي كما يحلو للبعض يمثل الاصالة والمنبع والجذور، وقد يستقل التراث احياناً في التعبير عن بعض المضامين السياسية والأهداف غير المعلنة، وعند بعض الناس لا يعتبر التراث الشعبي ذا أهمية بل ينعتونه بالتخلف والرجعية، ومن يطالب بإحيائه يوصم بهذه الصفات، ولذا يطالبون بتركه وعدم اعطائه أولوية في الحياة العصرية. تلك هي التناقضات التي تطرح أمامنا عند تناول موضوعات التراث الشعبي، أما المعنيون بدراسة التراث الشعبي فيحاولون من خلال دراستهم له فهم “ديناميات” الثقافة الشعبية في تأسيس حياتنا على دعائم قوية ومكينة. لهذه الأسباب يجب ان نسخر جهودنا للتعرف الى الثقافة الشعبية التي خلفها الأولون، ودراسة الأنماط التراثية المختلفة باعتبارها المنبع الأساسي للثقافة المحلية.وللتراث الشعبي الكثير من المصطلحات المتداولة، فهو يسمى (علم الفولكلور) أو يطلق عليه (الموروث الشعبي) ولكن الشائع تسميته بالتراث الشعبي. وهو كل ما ورثناه عن الآباء والأجداد من تراث مادي ومعنوي.وقد يطلق عليه (فولكلور) وهي كلمة تتكون من مقطعين Folk وتعني الناس وLORE اي المعرفة او الحكمة.أما في لسان العرب، قال ابن منظور في تعريفه للتراث: (هو ما يخلفه الرجل لورثته)، أما تومز فقد عرف التراث بأنه الثقافة الشعبية أو المأثورات الروحية. وأستاذ التراث الشعبي في مصر الدكتور محمد الجوهري قال: “ان علم الفولكلور، انما هو علم ثقافي يختص بقطاع معين من الثقافة”، وعرفه بأنه “الثقافة التقليدية الشعبية”.ومهما اختلفت التعريفات او تباينت، فإن التراث هو كل ما خلفه الآباء والأجداد من موروثات. والثقافة الشعبية هي رديفة الثقافة العامية وخلاصة حياة متوارثة ومعرفة وتجارب وتفاعل عبر الزمان والمكان، وهي تعني المعرفة لدى الناس. والتراث هو بمثابة الحياة بجميع منابعها وألوانها، في حين الثقافة الشعبية هي حصيلة هذه الحياة ومفهومها وأبعادها الحضارية والانسانية.ويشتمل التراث الشعبي على عدد من الفروع، ومن أهم مجالاته أو فروعه: (الأدب الشعبي، الموسيقا والرقص الشعبي، العادات والتقاليد والمعارف الشعبية، الثقافة المادية، الفنون، والحرف الشعبية).ويمكن ان يقسم التراث الى اربعة أقسام هي: المعتقدات والمعارف الشعبية، والعادات والتقاليد الشعبية، والأدب الشعبي والفنون الشعبية والثقافية والمادية.ولكل فرع من هذه الفروع الكثير من الصور التي تنضوي تحتها. وفي الإمارات يتميز التراث كما هو في الخليج العربي بالوفرة والتنوع، وهو المرآة العاكسة لوحدة المنطقة تاريخياً وحضارياً، فاللون المحلي للفنون والابداع الشعبي هو نفسه في منطقة الخليج العربي، حتى لو اختلفت المفردات وبعض المعاني، إلا أن الجذور التاريخية وإرهاصات النشأة تعبر عن انسجام وتداخل كبير.وقد يرجع سبب ذلك الى وحدة التجربة الانسانية والتكوين النفسي للشخصية الخليجية، الى جانب الترابط بين الوحدة الجغرافية والمنبع اللغوي والاصالة الحضارية الواحدة. وللبيئة دور مهم في حياة الناس، اذ تلعب دورا لا يستهان به في تأسيس التجمعات واعطائها صفات معينة، فمثلاً اللهجات الخليجية تعتبر نموذجاً خاصاً من حيث نشأتها وتطورها ومفرداتها، ولحنها الصوتي، اذ ان اللهجة الخليجية معروفة بلحنها اللفظي ونطقها اللغوي المميز، وكذلك بالنسبة للصفات الشخصية العامة لدى سكان المنطقة تكاد تكون واحدة من حيث التفكير والمشاعر وبنية المواطن الخليجي ووحيه النفسي.التراث الشعبي ابن البيئة وابن المجتمع، وقد ظهر من خلال الاحتكاك المباشر بين الافراد والبيئة المحيطة. ولولا التفاعل بين الانسان ومحيطه المكاني، لما ظهرت الفنون وتنوعت واختلفت التجارب وتشابكت الصور والمظاهر الحياتية لدى الجماعات...

مريم جمعه الحوسني.... عآشر -1

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق